ما هي الحرية؟ ربما يمكن للجميع أن يطرحوا مثل هذا السؤال، لكن لا يمكن للجميع أن يشعروا بالحرية في خضم صفوفهم، ولا يمكنهم عيش لحظتها وبثها على أكمل الوجه
لأن تبني الحرية ليس بالمهمة السهلة، يتم احتضان الحرية بإبداء الكدح والنشاط الجاد في ظل المصاعب، لهذا، هناك ضرورة للشجاعة التي يكون بإمكان المرء تقديم روحه فداءً في سبيلها، يجب على المرء أن يعشق الحرية بكل الطرق والأساليب بغرض تحقيق الحياة الحرة، وأن يتبناها، ويقاتل من أجل نصرها، وتعني هذه الخطوات المتخذة التطور في الإرادة، فقط المقاومين من أجل الحرية يعرفون مغزى ذلك.
لم ينير أحداً بقدر ما أنار مقاتلو حركة التحرر الكردستاني بالحرية، أن جبال كردستان التي هي موطناً حراً بالنسبة للتواقين الحرية، فهؤلاء المقاتلين الشجعان والمحبين للحرية كانوا يعتبرون هذا الوطن جزءاً من أنفسهم على الدوام ودافعوا عنه في كل الحروب الدائرة، لأن جبال كردستان تكن شوقاً للحرية أيضاً، وأولئك الذين يستطيعون تلبية هذا الشوق هم مقاتلو/مقاتلات الكريلا.
جسدان مختلفان...أحدهما امرأة والآخر رجل، شابان يعانقان نفس الهدف، اجتمعا حول هدفهما المشترك مع بعضهما البعض، ما يروى ليس فقط قصة عاشقين، حبهما عظيم للغاية، لدرجة أنه بإمكانهما احتضان العالم بأسره.
انضم كل من سرحد وجانان إلى صفوف قوات الكريلا بمشاعر وطنية عميقة، وتأثرا بحديث مقاتلو ومقاتلات الكريلا الذين يقاتلون من أجل الحرية، موقفهم وضحكتهم، وأرادا أن يصبحا مثل هؤلاء الأبطال الذين يفدون بأرواحهم من أجل حرية شعبهم، وينتقمون من العدو على جرائمه بحق شعبهم المضطهد.
وتوجها كلاهما من منطقة سرحد القديمة والمقاومة ووصلا إلى ساحة الأبطال التواقون لهذه القضية، وأصبحا جيان وآزاد في جبال الحرة، فأسمائهما الجديدة التي سميا نفسهما بها، حددت خريطتهما نحو الحرية، وأصبحا أكثرا بهاءً وجمالاً بمشاركتهما في الحياة الكريلاتية، بعدما طورا أنفسهما من الجانب الفكري والعملي، أرادا أن يدخلا في خضم الممارسة، فالعملية بالفعل كانت بمثابة وسيلة للإحياء والحماس بالنسبة لهما.
وخاض المقاتل آزاد في تلة هكاري، والمقاتلة جيان أيضاً في ساحة كوردينا، مقاومتهما العملية بنجاح، فكان كلاهما فدائين، كاديحن، مقاومين، ونشطين، وشكل تأثيراً عظيماً على كل من حولهما بموقفهما الطبيعي، وأصبحا مصدراً للمعنويات في كل مكان، لأنهما كانا شابان ومليئان بالطاقة الفعالة.
بعدما شن جيش دولة الاحتلال التركي هجمات احتلالية على ساحة متينا في 23 نيسان 2021، أصرا على المشاركة في الحرب التي دارت ضد جنود الاحتلال التركي من أجل الرد على الهجمات الاحتلالية، آنذاك كان للحزب خطط مختلفة لتعيين مهمامها، ولأن آزاد أبدى كدحاً عظيماً في تلة هكاري لفترة طويلة، أراد رفاق دربه دمج كدحه مع إيدلوجية القائد وتلقى الدورة التدريبية بغرض أن يصبح قيادياً بارزاً، وفي نفس الوقت، انسحبت جيان من تلة كوردين من أجل بقائها مع الإدارة لفترة وأيضاً لأجل أن تصبح مقاتلة محترفة في القيادة
لكن بعد احتدام الحرب، لم يتمكنا كل من آزاد وجيان من الوقوف ساكناً، وأراد المشاركة في هذه الحرب بإصرار وتصميم عظيمين، وأن يوجها الرد اللازم على العدو ويقاتلا حتى النهاية، ولم تتمكن محاولات رفاقهما لإقناعهما على عدم المشاركة، بالتالي توليا كلاهما مهام الكريلاتية في ساحة كوردين.
انتقل الرفيق آزاد برفقة القيادي باكَر باشكلاه إلى ساحة كوردين، وشاركا في نشاط الاستطلاع والعمليات النوعية، وكان يتوجه صوب مواقع العدو كل يوم بجهود متواصلة، وأصبح مصدر الشجاعة والإيمان بالنسبة لرفاقه الكريلا.
عدولة شعبها التي كنت عشقاً كبيراً لحزبها وقائدها، أثبت جيان أيضاً ممارسة حماية هوية المرأة الكردية، كما أصبحت جيان كمعنى أسمها، حياةً وانتشرت بين عموم الإنسانية، وأصبحت أيضاً كتلة من النار التي أحرقت العدو بسلاحها في الحرب، وبثت الرعب والخوف في قلوب الأعداء بزغاريدها.
قصف العدو ساحة كوردين في الذكرى السنوية لـ عيد الانبعاث لقفزة 15 آب، واعد مقاتلو الكريلا أنفسهم في تلة كوردين لخوض المقاومة من أجل تصدي الهجمات ومنع الاحتلال، بينما طلب المقاتل آزاد الموافقة من القيادي باكَر بالخروج من نقطتهم العسكرية، لمعرفة مكان اختباء العدو ونقاط تمركزهم، انتظر القيادي باكَر في ليلة الكمين تلك عودة المقاتل آزاد دون أن يعلم بأنه سيكون لقائه الأخير مع الرفيق آزاد، بحث رفاقه عنه حتى الصباح لكنهم لم يجدوه، ذهب باكَر إلى رفاقه الكريلا في الخندق الأخر، وطلب من الرفيقتين دستينا وجيان عدم التحرك، وإبلاغه على الفور في حال رؤيتهما الرفيق آزاد وغادر الخندق، لكن لم تتمكنا دستينا وجيان تمالك نفسيهما لعدم حصولهما على معلومات من آزاد وبدأتا بالبحث أيضاً، وعندما شعر الأعداء بكلتيهما تسبب باستشهادهما أيضاً، بالتالي عثر القيادي باكَر وسرحد إلى جانب جثمان الشهيد آزاد جثماني الشهيدتين جيان ودستينا أيضاً.
والتحق الرفيق آزاد، الرفيقتان جيان ودستينا، الذين كانوا يكللون كل لحظاتهم بالانتقام من العدو، بقافلة الشهداء، وملئوا مسيرتهم الكريلاتية كل يوم منذ اليوم الأول لانضمامهم حتى لحظة استشهادهم، بالمقاومة العظيمة، وأصبحوا رمزاً للمقاومة وصوتاً للكرامة.